عمود الطاهر ساتي… كمان فرحان
:: ومن المحن، بعد أن تبرعوا للدورة المدرسية القومية التي تستضيفها ولايتهم بمبلغ (ألف جنيه)، أصدر والي جنوب دارفور توجيهاً بإعفاء من سماهم أطفال الدرداقات من الرسوم الدراسية، ثم تباهى بتبرعهم.. وأطفال الدرداقات – بنيالا وغيرها – يستأجرون الدردقات من متعهدين.. ثم يكدح في الأسواق طوال ساعات النهار وبعض ساعات الليل، ثم يورد في جيوب المتعهدين أموالاً يتقاسمونها مع المحليات..!!
:: ولو فكر الطفل في العمل بدرداقته الخاصة، فالويل له ولدرداقته ولأكل عيشه.. إذ تصادر السلطات المحلية الدرداقة، ولا تعيدها للطفل إلا بعد أن يدفع الغرامة ويلتزم بأن يستأجر الدرداقة من المسمى – في عقود محلية نيالا وغيرها – بالمتعهد.. هكذا تفسد الحكومة المجتمع، بحيث يتكسب الأقوياء بعرق الضُعفاء.. ولو بحثنا لوجدنا أن من يقف وراء تبرع أطفال نيالا متعهد بعلم وأمر المحلية، ليتقرب إلى الوالي باستغلال عرق جبين هؤلاء الضحايا ..!!
:: ثم إن إعفاء هؤلاء من رسوم الدراسة بعد تبرعهم للدورة المدرسية، يكشف أن مجانية التعليم محض شعار بجنوب دافور أيضاً، رغم أنها من حقوق هؤلاء الضحايا.. ومن المعيب أن ينال أطفال الدرداقات حق التعليم مجاناً في (شكل منحة)، فإعفاء الأطفال من رسوم التعليم (حق)، وما كان على الوالي ربطها بالتبرع للدورة المدرسية.. وقد لا يعلم الوالي أن أكثر الأطفال تعرضاً لمخاطر العنف والتحرش والاغتصاب، هم الذين يخرجون من ديارهم بحثاً عن قوت أسرهم (فجراً)، ثم لا يعودون إلى ديارهم إلا بعد غروب الشمس أو منتصف الليل.. أي هم من يتبرعون للدورة المدرسية، ليتباهى بهم واليهم بدلاً عن البكاء على حالهم..!!
:: وبالمناسبة.. ليس في عاصمة جنوب دارفور وحدها، بل حتى في عاصمة البلد، فليذهب أحدكم بعد غروب الشمس إلى أسواق الخرطوم المركزية (الخرطوم، بحري، أم درمان)، ويشاهد من يسميهم مجتمعنا وصحفنا بـ(أطفال الدرداقات)، ثم يرصد معاناتهم في سبيل تسديد (رسوم الدرداقة) قبل غروب الشمس.. أو فليقصد أحدكم شوارع المدائن الرئيسية في كل ولايات السودان، ثم يرصد معاناة من هم دون سن الثامنة عشرة، بحيث يكون العائد قوت يومهم وأسرهم.. وفي تلك المعاناة مكمن المخاطر وفي متنها مناخ العنف والتحرش والاغتصاب.. وكل والٍ يعلم ذلك، وكذلك كل معتمد، ومع ذلك يكتفون بمثل هذا التباهي أو فرض الرسوم على (الدرادقات)..!!
:: أكرر، ليس من الوقاية أن نوفر لأطفال الفقراء مناخ العنف والتحرش والاغتصاب، بحيث ندعهم يعملون في أسواقنا وشوارعنا آناء الليل وأطراف النهار وكأنهم بلغوا سن الرشد.. وأي عقل سوى يدرك أن حاجة الطفل إلى العمل – وكذلك حاجة أسرته إلى قوت اليوم – هي المدخل لحزم المخاطر التي قد يتعرض لها الطفل، ومنها مخاطر التحرش والاغتصاب.. وقانون الطفل يجب ألا يكتفي بعلاج التحرش والاغتصاب بنصوص العقاب، بل عليه أن يُجنِّبَ الأطفال الاقتراب من مناخ التحرش والاغتصاب، وذلك بمنع (عمل الأطفال)، وأن يكون تعليمهم في المدارس بديلاً لعملهم في الأسواق، وتأهيلهم لغد مشرق بديلاً لتبرعهم لهذا الوالي (الفرحان)..!!
اخي زاىر مجلة تمبول الاخبارية نلفت انتباهك للفقرات ادناه
1/كل الموضوعات التي تنشر هي موضوعات هادفة تخدم المجتمع وتحقق اهداف المدونة بعيدا عن التعصب وقبول الراي والراي الاخر لان الاختلاف لايفسد للود قضية
2/تابع اكثر من 30 عمود صحفي يوميا لأشهر الكتاب
ملحوظة
- نطرح ما يعكس الواقع باقلام تعبر عن رؤيتها ولا نتبنى فكر أحد
تعليقات