اقدم المرض… للكاتب الطاهر ساتي
🌍 *أقدم الأمراض!.. بقلم الطاهر ساتي*
-
:: لن ينتبهوا للخبر الصغير ما لم يصبح حدثاً كبيراً.. إذ يقول الخبر الصغير بالصحيفة الإلكترونية (باج نيوز)، ما يلي: (أبلغ النائب في المجلس التشريعي بولاية شمال دارفور، عن دائرة الواحة، آدم منان، عن تسجيل عدد من حالات الإصابة بالإسهال المائي، وأن مواطنة ترقد بمستشفى السلاح الطبي بالفاشر بعد إصابتها بالمرض، ويطالب وزارة الصحة الاتحادية بالتدخل السريع ومحاصرة المرض في نطاق محلية الواحة، والحيلولة دون تمدده وانتشاره).. هكذا تنبيه النائب للسادة بالسلطات المركزية، ولن يسمعوه إلا (ضحى الانتشار)!
:: ثم إن المسماة في إعلامنا بالإسهالات المائية، وضعها أبو الطب أبقراط على صدارة قائمة أقدم الأمراض في تاريخ البشرية.. أي أن هذه الإسهالات المائية هي أقدم الأمراض، حسب تصنيف أبو الطب في القرن الرابع قبل الميلاد.. وتعيش باكتريا الإسهالات المائية في كل مصادر المياه حول العالم، ولا تتأثر بالمناخات.. ولا تظلموا الأمطار، فإن باكتريا الإسهالات المائية لا تنشط إلا في (البيئة المتخلفة)، أي التي أهلها بحاجة إلى تعلم (كيفية الحياة).. وعليه، حين تنظر إلى حياة الناس في كل ولايات بلادنا، تكتشف (أصل الداء).
:: فالإسهالات، مائية كانت أو هوائية، داءٌ مقدورٌ عليه.. ولكن لا علاج لأصل الداء غير (التغيير الجذري).. ليس تغيير وزير بآخر، ولا تغيير نظام حُكم بآخر فحسب.. لا، فالأمر (أكبر من كده).. وقديما قالوا: إذا أردت أن تعرف مدى تحضر أي مجتمع، فانظر إلى أنديته وما فيها من أنشطة.. وإلى شوارعه وما عليها من لافتات ومحاذير.. وإلى مجالس أهله وما هم فيها يتحاورون.. وإلى فضائياتهم وإذاعاتهم وما تبثها من إعلانات وبرامج.. وإلى صحفهم وما تحملها من حوداث وقضايا.. وإلى أمراضهم وأسبابها.
:: وإلى مستوى النظافة في مركباتهم العامة.. وإلى صالات المطارات والموانئ.. وإلى تاكسي المدينة وملابس سائقها.. وهكذا.. تلك - وغيرها - بمثابة لوحات ناطقة بلسان حال المجتمعات وبلادها.. وأياً منها تكفي لشرح عقل المجتمع.. إن كان عقلاً قابعاً في القاع على ركام الجهل أو كان عقلاً محلقاً فوق القمة بأجنحة الوعي.. وفي الخاطر، قبل عام، عندما ظهرت حالات الإسهالات المائية بالنيل الأبيض ثم انتقلت إلى الخرطوم ثم (11 ولاية)، نشرت الصحف محاذير تُعَدُّ عند الآخرين من الغرائب!!
:: كانت قد حذَّرت من تناول الأطعمة المُلوَّثة من الباعة الجائلين، مع حثِّ المواطن على غسل الأيدي قبل وبعد الأكل، ثم بعد قضاء الحاجة.. وما تزال مجتمعاتنا بحاجة إلى مثل هذه المحاذير رغم أنها لا تعيش في القرون الوسطى.. وهي محاذير تعيد إلى الذاكرة إعلاناً تحذيرياً لإدارة شرطة المرور، ثم إعلاناً آخرَ تحذيرياً أيضاً لوزارة الصحة أيضاً: (ممنوع غسيل العربات على أرصفة الطرق.. ممنوع فتح محلات التمباك بقرب المطاعم والكافتريات.. وممنوع التبول في الطرقات والأسواق).. و.. وغيرها من المحاذير التي كان يجب أن نتجاوزها - قبل عهود - بفطرة الوعي وليس برهبة القانون وتذكير المؤسسات.
:: فالمجتمع الذي يتم تحذيره - في الألفية الثالثة - بمثل تلك المحاذير وغيرها من شاكلة (لا تَرْمِ القاذرورات في الشارع)، كان بحاجة إلى نُخَبٍ تُتقن التربية والتعليم العلم، بدلاً عن (التحفيظ والتلقين)، ليكتسب وعياً.. ولكن - للأسف - لم يجد هذا المجتمع رشد تلك النخب في قاعات الحياة العامة.. ولذلك، كان طبيعياً أن يشب على اللامبالاة حتى (شاب عليها)، وعلى الجهل حتى (شاب عليه)، وعلى الفوضى حتى يُصاب ويموت بالإسهالات المائية وغيرها من أمراض القرن الرابع قبل الميلاد.
اخي الزاىر:
مجلة تمبول الاخبارية نلفت انتباهك للفقرات ادناه
1/كل الموضوعات التي تنشر هي موضوعات هادفة تخدم المجتمع وتحقق اهداف المدونة بعيدا عن التعصب وقبول الراي والراي الاخر لان الاختلاف لايفسد للود قضية
2/تابع اكثر من 30 عمود صحفي يوميا لأشهر الكتاب
ملحوظة
- نطرح ما يعكس الواقع باقلام تعبر عن رؤيتها ولا نتبنى فكر أحد
تعليقات